الجمعة، أكتوبر 27، 2006

جامعة الدول العربية وطموحات امواطن العربي






لم يكن المواطن العربي يدرك بنفس الحجم الذي أدرك به اليوم تفاهة بعض التنظيمات العربية وعدم جدواها في إطار علاقتها بمصلحة الشعوب العربية التي جبلت لعقود طويلة على التسليم بأمور عدة لم ولن تخدم مصالحها ، وإن كانت تبدي غضبها واستياءها ،غضب واستياء لم يرق في يوم من الأيام إلى إرغام الحكومات العربية على الوقوف إلى جانب شعوبها ، لأنها لاتضع في اعتبارها إلا إرضاء الآخر بالسهر على ضمان مصالحه في منطقتها متبجحة بتنميق وتزويق واجهتها السياسية والسعي الزائف نحو خلق مشهد ديموقراطي يشهد على عظمة هذه الحكومات ويضمن شرعيتها أمام الآخر ، لتلعب بورقة الشرعية هذه لإيخاف المحكوم من جهة وللنيل من بعضها البعض من جهة أخرى . كل ذلك جعل الأنظمة العربية تعلن مسايرتها للعالم من خلال تكتلها في منظمات دولية أهمها الجامعة العربية تلك المنظمة التي لم تحقق من اسمها الا الفرقة والتناحر وتضارب المصالح .
لقدأكدت القضية الفلسطينية للمواطن العربي باستمرار من خلال عقد القمم واجتماعات وزراء الخارجية مدى هشاشة هذه المنظمة باعتبارها تكثلا عربيا ، فهي لاتستطيع أن تخرج بقرار صريح في مواجهة الكيان الصهيوني ومن يسانده ،بل إن المبادرات العربية التي توالت بغية حل الأزمة الفلسطينية لم تكن في ظاهرها وعمقها إلاتنازلات مهينة ،فحتى القرارات التي تتخذها الجامعة أو تتبناها وإن كانت في أقصاها وأشدها لاتتجاوز الشجب و الاستنكار ،لم تكن في يوم من الأيام ملزمة لأي طرف من أعضاء الجامعة العربية . فقد دخلت الحكومات العربية منفردة في معاهدات واتفاقيات ومعاملات مع الكيان الصهيوني وأجبرت نفسها على التنفيذ متعللة بضرورة الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية ضاربة بعرض الحائط المواثيق والعهود التي يجب أن تربطها بشعوبها حفاظا على عزتها ومصالحها . ولعل الحال الذي آلت إليه القضية الفلسطينية والتسليم الطوعي للأنظمة العربية بواقع القضية وتفوق العدو،على الرغم من إثباث حزب الله اللبناني عكس ذلك ،مما يؤكد الأزمة التي تتخبط فيها هذه الأنظمة داخليا وخارجيا ، أزمة حولتها إلى أنظمة قزمية لاتستطيع أن تزيد من حجمها إلا بالقدر الذي ترخص به الولايات المتحدة الأمريكية ، وكل من حاول غير ذلك سيواجه من خلال شرعية دولية تتعدد مكاييلها وتتنوع .
لقد فتحت حرب العراق عين المواطن العربي البسيط على حقيقة مرة ، فقد أدرك بوضوح أن أنظمته خادعة كاذبة ،ولم يعد يقف عند الإدراك فحسب بل تجاوزه إلى حد الجهر به . ففي حرب الخليج الثانية ، وإن كان العدوان فيها على العراق لايختلف عن عدوان اليوم ، ربما كان المواطن العربي المتوسط الفهم قد وجد مبررا لذلك بمساعدة حاكميه الذين شاركوا في الحرب علانية تحت ذريعة تحرير الكويت . لكن لاشيء اليوم يبرر هذا العدوان السافر وهذا التمزق في وحدة الأمة غير هذه الهوة السحيقة التي باتت تفصل بين الشعوب العربية وحكامهم الذين لم يستطيعوا التخلص من تلك النظرة الناقصة التي تعتبر الرأي العام لذيها قاصرا لايرقى إلى مستوى الإدراك والفهم .
لقد بات واضحا من خلال المواقف العربية الرسمية تجاه العدوان الصهيواميريكي في فلسطين والعراق ولبنان ومايحضر للسودان وسوريا وما يشن من حملات ضد الإسلام والإساءة إلى النبي الكريم أن الأنظمة العربية قد قزمت إلى حد أنها لاتستطيع الحراك إلا إذا تمسكت بذنب العملاق . فأصبحت تقف عاجزة أمام كل القضايا العربية الهامة ، فإذا كان عجزها على حل القضية الفلسطينية قد أشرف على أن يعمر قرنا من الزمن فإن المواطن العربي يتساءل كم سيتطلب حل القضية العراقية
وما يمكن أن يتبعها قي المنطقة التي أصبحت تابعة للإحتلال الأمريكي إن بطريقة مباشرة أو غير مباشرة . فالجامعة العربية لم تعد قادرة حتى على جمع القادة العرب كما تبين من خلال قمة الخرطوم وهو عجزبين مدى فعالية الضغوط الأمريكية على هؤلاء القادة الذين وجب عليهم اليوم الوقوف إلى جانب شعوبهم من أجل تحقيق طموحاتهم السياسية والإقتصادية والإجتماعية ... وهو أمر لايتحقق إلا من خلال مصالحة بين الحاكم والمحكوم في الوطن العربي وليس من خلال طأطأة الرأس للهيمنة الأمريكية مع ما تحمله هذه الطأطأة من إذلال للشعوب العربية .
لقد آن الأوان أن تكون جامعة الدول العربية تكثلا سياسيا واقتصاديا وقوة عسكرية على غرار التكثلات التي يشهدها العالم اليوم . فالأمة العربية تملك من الإمكانيات ما يؤهلها لتكون صاحبة قرار وراي ، ولا يجب بأي حال من الأحوال أن تتخذ الأنظمة العربية مما حدث ويحدث في العراق وسيلة لإقناع الراي العام لذيها بضرورة التسليم والإستسلام فتوقعه في آبار اليأس العميقة بدل أن ترفع من معنوياته وتذكي من حسه الوطني و القومي .
فالجامعة العربية مطالبة اليوم بتصحيح مسارها ورد الإهانات التي ألحقت بها لعقود طويلة ولعل آخرها المبادرة الأمريكية للإصلاح في الشرق الأوسط الكبير حينا والسعي إلى خلق شرق أوسط جديد حينا آخركما تحدثت عن ذلك وزيرة خارجية أمريكا خلال العدوان الصهيوني على لبنان التي تريد أن تحول العالم العربي إلى عراق كبير و أعضاء الجامعة إلى مجلس حكم انتقالي يوقع على قرارات لاتخدم إلا المصالح الأمريكية وحلفائها من غير العرب


ذ - عبد الله مهداوي _-المغرب


0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية